وحدة سفر ايوب الكتابية الأدبية وتاريخيه
( في مختلف اقسام الكتاب فوارق في المفردات والانشاء والخلفية الثقافية وتوحي الأفكار الدينية الى كثير من القراء بأن الكتاب لم يؤلف دفعة واحدة واليك ما يمكن اقتراحه على سبيل الافتراض
من المحتمل جداً ان تكون المقدمة والخاتمة النشريتان في بدء الأمر موضوع رواية شعبية كان يروي فيها الصبر المثالي الذي أظهره رجل من ارض عوص كان صاحب سمعة فريدة بين أبناء الشرق
يمكن الاعتقاد بأن قصة أيوب هذا الذي لا مثيل لتقواه كانت شائعة بين حكماء الشرق الادنى في أواخر الألف الثاني قبل الميلاد ورويت بالعبرية في أيام صموئيل وداود وسليمان في القرن الحادي عشر والعاشر قبل الميلاد )
سفر ايوب الفصل الاول
كان رجل في أرض عوص اسمه أيوب وكان هذا الرجل كاملا مستقيما يتقي الله ويجانب الشر وولد له سبعة بنين وثلاث بنات وكان يملك سبعة آلاف من الغنم وثلاثة آلاف من الإبل وخمس مئة فدان بقر وخمس مئة أتان وله خدم كثيرون جدا وكان ذلك الرجل أعظم أبناء المشرق جميعا وكان بنوه يذهبون فيقيمون مأدبة في بيت كل منهم في يومه ويبعثون فيدعون أخواتهم الثلاث ليأكلن ويشربن معهم فإذا تم مدار أيام المأدبة كان أيوب يدعوهم ويطهرهم ثم يبكر في الصباح فيصعد محرقات لعددهم جميعا لأن أيوب كان يقول لعل بني خطئوا فجدفوا على الله في قلوبهم هكذا كان أيوب يصنع كل الأيام واتفق يوما أن دخل بنو الله ليمثلوا أمام الرب ودخل الشيطان أيضا بينهم فقال الرب للشيطان من أين أقبلت؟فأجاب الشيطان وقال للرب من الطواف في الأرض والتردد فيها فقال الرب للشيطان أملت بالك إلى عبدي أيوب؟فإنه ليس له مثيل في الأرض إنه رجل كامل مستقيم يتقي الله ويجانب الشر فأجاب الشيطان وقال للرب أمجانا يتقي أيوب الله؟ألم تكن سيجت حوله وحول بيته وحول كل شيء له من كل جهة وقد باركت أعمال يديه فانتشرت ماشيته في الأرض ولكن ابسط يدك وامسس كل ما له فترى ألا يجدف عليك في وجهك فقال الرب للشيطان ها إن كل شيء له في يدك ولكن إليه لا تمدد يدك وخرج الشيطان من أمام وجه الرب واتفق يوما أن بنيه وبناته كانوا يأكلون ويشربون خمرا في بيت أخيهم البكر فأقبل رسول إلى أيوب وقال كانت البقر تحرث والأتن ترعى بجانبها فهجم عليها أهل سبأ وأخذوها، وقتلوا الخدم بحد السيف وأفلت أنا وحدي لأخبرك وبينما هو يتكلم أقبل آخر فقال قد سقطت نار الله من السماء وأحرقت الغنم والخدم وأكلتهم وأفلت أنا وحدي لأخبرك وبينما هو يتكلم أقبل آخر فقال قد توزع الكلدانيون إلى ثلاث فرق وأغاروا على الإبل فأخذوها وقتلوا الخدم بحد السيف وأفلت أنا وحدي لأخبرك وبينما هو يتكلم أقبل آخر فقال كان بنوك وبناتك يأكلون ويشربون خمرا في بيت أخيهم البكر فإذا بريح شديدة قد هبت من وراء البرية وصدمت زوايا البيت الأربع فسقط على الشبان فماتوا وأفلت أنا وحدي لأخبرك فقام أيوب وشق رداءه وحلق شعر رأسه وارتمى إلى الأرض وسجد وقال عريانا خرجت من جوف أمي وعريانا أعود إليه الرب أعطى والرب أخذ فليكن اسم الرب مباركا في هذا كله لم يخطأ أيوب ولم يقل في الله غباوة
سفر ايوب الفصل الثاني
ثم اتفق يوما أن دخل بنو الله ليمثلوا أمام الرب ودخل الشيطان أيضا بينهم ليمثل أمام الرب فقال الرب للشيطان من أين أقبلت؟فأجاب الشيطان وقال للرب من الطواف في الأرض والتردد فيها فقال الرب للشيطان أملت بالك إلى عبدي أيوب؟فإنه ليس له مثيل في الأرض إنه رجل كامل مستقيم يتقي الله ويجانب الشر والى الآن متمسك بكماله وقد حرضتني على ابتلاعه بدون سبب فأجاب الشيطان وقال للرب جلد بجلد وكل ما يملكه الإنسان يبذله عن نفسه ولكن ابسط يدك وامسس عظمه ولحمه فترى ألا يجدف عليك في وجهك
6 فقال الرب للشيطان ها إنه في يدك ولكن احتفظ بنفسه فخرج الشيطان من أمام وجه الرب وضرب الشيطان أيوب بقرح خبيث من أخمص قدمه إلى قمة رأسه فأخذ له خزفة ليحتك بها وهو جالس على الرماد فقالت له امرأته أإلى الآن متمسك بكمالك؟جدف على الله ومت فقال لها إنما كلامك كلام إحدى الحمقاوات أنقبل الخير من الله ولا نقبل منه الشر؟في هذا كله لم يخطأ أيوب بشفتيه وسمع ثلاثة أصدقاء لأيوب بكل ما أصابه من البلوى فأقبل كل من مكانه أليفاز التيماني وبلدد الشوحي وصوفر النعماقي واتفقوا على أن يأتوا فيرثوا له ويعزوه فرفعوا أبصارهم من بعيد فلم يعرفوه فرفعوا أصواتهم وبكوا، وشق كل منهم رداءه وذروا ترابا نحو السماء فوق رؤوسهم وجلسوا معه على الأرض سبعة أيام وسبع ليال ولم يكلمه أحد بكلمة لأنهم رأوا أن كآبته كانت شديدة جدا
سفر ايوب الفصل الثاني والاربعون
فأجاب أيوب الرب وقال قد علمت أنك قادر على كل شيء فلا يستحيل عليك مراد من ذا الذي يخفي التدبير في غير علم؟ إني قد أخبرت من غير أن أدرك بعجائب تفوقني ولا أعلم إسمع فأتكلم أسألك فأخبرني كنت قد سمعتك سمع الأذن أما الآن فعيني قد رأتك فلذلك أرجع عن كلامي وأندم في التراب والرماد وكان بعد أن كلم الرب أيوب بهذا الكلام أن قال لأليفاز التيماني إن غضبي قد اضطرم عليك وعلى كلا صاحبيك لأنكم لم تتكلموا علي بحسب الحق كعبدي أيوب فخذوا الآن لكم سبعة ثيران وسبعة كباش واذهبوا إلى عبدي أيوب وأصعدوا محرقة عنكم وعبدي أيوب يصلي من أجلكم فإني أرفع وجهه ولا أعاملكم بحسب حماقتكم لأنكم لم تتكلموا علي بحسب الحق كعبدي أيوب فذهب أليفاز التيماني وبلدد الشوحي وصوفر النعماتي وصنعوا ما أمرهم الرب ورفع الرب وجه أيوب وأعاد الرب لأيوب مكانته لأنه صلى لأجل أصدقائه وزاد الله أيوب ضعف ما كان له قبلا وزاره جميع إخوته وأخواته كل من كان يعرفه من قبل وأكلوا معه خبزا في بيته ورثوا له وعزوه عن كل المصيبة التي أنزلها الرب به وأهدى له كل منهم فضة وخرصا من ذهب وبارك الرب آخرة أيوب أكثر من أولاه فكان له من الغنم أربعة عشر ألفا، ومن الإبل ستة آلاف وألف فدان من البقر وألف أتان وكان له سبعة بنين وثلاث بنات وسمى الأولى يمامة والثانية صبرا والثالثة قرن كحل ولم توجد نساء في الحسن كبنات أيوب في الأرض كلها وأعطاهن أبوهن ميراثا بين إخوتهن وعاش أيوب بعد هذا مئة وأربعين سنة ورأى بنيه وبني بنيه إلى أربعة أجيال ثم مات أيوب شيخا كبيرا قد شبع من الأيام
رسالة يعقوب 5 / 11
إننا نقول في الصابرين طوبى لهم وقد سمعتم بصبر أيوب وعرفتم قصد الرب إن الرب رحمان رحيم
( على اثر كارثة وقعت سنة 587 قبل الميلاد خسر اهل اليهودية المجلوون الى بابل كل شيء وحمل قلقهم بعضاً منهم على تجريد الوجود البشري من كل قيمة وأثار في ايمانهم بعدل الله
فقام شاعر من الجيل الثاني للجلاء حوالي سنة 575 قبل الميلاد وانطلق من قصة ايوب البائس ونظم القصيدة لغاية تعليمية نبوية تشبه غاية سلفه حزقيال حوالي ما بين سنة 592 - 580 قبل الميلاد وابتدع البطل المتألم بدون سبب وثلاثة من اصدقائه لكي يجادل بطريقة شعرية في قيمة الوجود البشري وفي حقوق الانسان على العدل البشري والالهي
الرب نفسه يفسح في المجال للبطل ليدافع عن نفسه ويدين السلوك الالهي لكن ايوب يرفض قبول التحدي ويكتفي بالندامة على الاعتداد بنفسه )
سفر حزقيال 14 / 14
وكان فيها هؤلاء الرجال الثلاثة نوح ودانيل وأيوب لكانوا ببرهم ينقذون أنفسهم يقول السيد الرب
سفر حزقيال 14 / 20
وكان فيها نوح ودانيل وأيوب فحي أنا يقول السيد الرب لا ينقذون لها ابنا ولا ابنة بل ببرهم ينقذون أنفسهم
سفر ايوب 31 / 35 - 37
من لي بمن يسمعني؟هذا توقيعي فليجبني القدير والكتاب الذي كتبه خصمي فلأحملنه على كتفي ولأعصبنه تاجا لرأسي أبين له عدد خطواتي وأتقدم إليه تقدم رئيس
سفر ايوب 40 / 8 - 14
ألعلك تنقض قضائي؟أتؤثمني لتبرر نفسك؟ألك مثل ذراع الله؟أترعد بمثل صوته؟فتزين بالعظمة والسمو وتسربل بالمهابة والكرامة صب فيوض غضبك وانظر إلى كل متعظم واخفضه أنظر إلى كل متعظم وذلله واسحق الأشرار في مواضعهم إطمرهم في التراب معا واحبس وجوههم في الحفرة حينئذ أمدحك أنا أيضا لأن يمينك تخلصك
( القصيدة تنتهي اذا بالاعتراف بالقداسة الالهية تلك القداسة التي تفوق بما لا نهاية له تخيل الناس لا بل محاولاتهم لفهم عناية الله ورأفته وهو توحي أيضاً بمحاولة لفهم الخطيئة تتخطى التمييز الساذج بين الخير والشر ذلك التمييز الذي يتجلى فيه ما عند الانسان الفاضل من طموح يعتمد على نفسه )
( الخاتمة النثرية تناقض على ما يبدو تفكير الشاعر اللاهوتي فانها تؤكد الاعتقاد الشعبي بالمكافأة الفردية ولا شك ان هذه الخاتمة قد بقيت لأنها جزء من قصة نموذجية من تراث حكمة الشرق الخالدة قد توافق على على وجه تام أفكار كتبة الدين اليهودي الأخلاقيين على عند الفرس وهم الذين ساعدوا على تناقل القصيدة
والراجح ان احد تلاميذ المدرسة الأيوبية قد أضاف خطب أليهو لغاية دفاعية فاننا نجد فيها من اللغة والانشاء والاسلوب البياني ما يختلف عما نجده في الحوار بحصر المعنى يشدد أليهو على ما للالم من قيمة تربوية ويضيف من البراهين ما كان معلمو الدرسة الحكمية التقليدية قد أسفوا لقلة التوسع فيه عند أليفاز ولدد وصوفر )
( يبدو ان نص الدورة الثالثة للحوار الشعري بين أيوب وأصدقائه الثلاثة ولا سيما قد تأثر من التناقل الشفهي أو الخطي فخطبة صوفر الثالثة غير واردة وبعض الأقوال الواردة على لسان ايوب تعكس على ما يبدو موقف أحد اصدقائه التقليدي ويفترض بعض المفسرين ان الذي نشروا القصيدة حاولوا التخفيف من جرأة البطل فوضعوا على لسانه أقوالاً وردت في الأصل على لسان صوفر ويعتقد كثير المفسرين بأن مديح الحكمة هو اضافة لاحقة لكن انشاءه قريب جداً من انشاء خطب الرب ومن المحتمل أن تكون الغاية من هذه القصيدة الفصل بين الجدال الحواري وخاتمة كلام أيوب )
اعداد الشماس سمير كاكوز
تعليقات
إرسال تعليق