ظروف القصيدة من سفر ايوب

ليس لدينا اشارة واضحة الى ما دعا الى تأليف القصيدة فلا يسعنا إلا أن نكتفي بالتكهنات في امرها لا شك ان حوار سفر ايوب لم يدون في بدء الأمر وهذا شأن غبره من المؤلفات الشعرية وشأن كثير من التقاليد المسجعة المحفوظة في العهد القديم والمعروفة تقليدياً بأنها من الانتاج الأدبي

كان سفر ايوب عبارة عن أبيات شعر ينشدونها بمسايرة موسيقية والراجح ان شكاوى أيوب أنشدت في نوادي مجلوين يهود محرومين من الأعياد على نحو القصائد الهوميرية الملحنة أو الأناشيد الملحمية التي كان ينشدها المغنون الجوالون في القرون الوسطى

لا يخفى ان المجموعات العرقية او الدينية التي انتزعت من اصلها على التمسك بمرعاة تقويمها العبادي ولكن بأية شعائر طقسية يقوم المجلوون الى بابل ولا هيكل لهم ولا وذبح ؟

في تلك الايام المضطربة المتقلبة أخذوا يحتفلون بالسنة الجديدة وبيوم الغفران العظيم قبل عيد الأكواخ فهل انتهز شاعر سفر ايوب هذه المناسبة ليسلي الجماهير ويوجه اليهم في صيغة شبه طقسية رسالة تختص بالايمان القويم ؟

من المعروف أن عيد السنة الجديدة في بابل كان يشدد على موت الملك الرمزي واعادته الى الحياة في اطار تجديد الخليقة والخصب النباتي ذوالحيواني فقد استعمل شاعر سفر ايوب كثيراً من مظاهر العقائدية الملكية ليصف آلام بطله وكبرياءه يضاف الى ذلك انه رصع كتابه بتلمحيات الى خلق العالم وركز خصب الرب على دورة السنة التي تبلغ أوجهها عند عودة مطر الخريف إذ يتلبد التراب ويتلاصق المدر ؟ سفر ايوب 38 / 38 وهذا ما فعله أيضاً مؤلف خطب أليهو يجذب قطرات الماء ثم يرشحها مطراً لسيله سفر ايوب 36 / 27 ومهما يكن من فان نية الشاعر كانت تفوق كثيراً تكريم التقويم فقد استعان بمثل لعلن قولاً نبوياص للانذار والرجاء

الى الذين كانوا يحترقون مرارة بني على وأحاطني بمرارة ومشقة وهناك من يترجم أحاط رأسي بعذاب سفر المراثي 3 / 5 لا بل حقداً على اله لا يفي بمواعده روى الشاعر قصة الرجل النزيه الذي من ارض عوص لأنها تخاطب المجلوين في أعمق انهزاميتهم عندما تطرح عليهم هذا السؤال امجاناً يتقي أيوب الله ؟ سفر ايوب 1 / 9 

أجل مجانا ً حالفظ شعب العهد بالرغم من تراكم الفساد طوال عدة قرون على قدر حسن من الطهارة وعلى شعور لا يزال حياً بالمسؤولية الاجتماعية كان بامكان اسرائيل ان قارن نفسه بالذين يضطهدونه ان يصر على انه لا يستوجب مصيره كان يعتقد بأن له له حقوقاً على خالقه 

هذا وهم يتصل بجميع الاديان الطبيعية وقد عارضه شاعر سفر ايوب بالادلاء برأيه فانه قد ادرك شأن كبار الأنبياء وبعض أصحاب المزامير ان المتاجرة لا مكان لها في الايمان القويم وأن مجانية العبادة تناسب سمو النعمة

اعداد الشماس سمير كاكوز

تعليقات